ابن أبي زيد القيرواني المولد و المنشأ و المدفن[1]، النفزي نسبا[2] – نسبة إلى نفزة ( وقيل النفزاوي[3] نسبة إلى نفزاوة ) – الأصل أبو محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن ( ت : 386 ) الملقب بـ "مالك الصغير" وصاحب التصانيف في المذهب و لد بالقيروان – التي لم يخرج منها إلا مرّة واحدة لأداء مناسك الحج – سنة 310 و عاش ستا وسبعين سنة[4]، وتوفي سنة 386 أي بعد ثلاث عشرة سنة من استيلاء عبيد الله الشيعي الإسماعيلي الملقّب بالمهدي على القيروان، و قال يوسف بن عمر الأنفاسي ( ت : 761 ) و تبعه زروق في شرحهما على الرسالة : سنة 316[5] قال القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي ( ت : 544 ) : كان أهل السنة بالقيروان أيام بني عبيد في حالة شديدة من الاهتضام و التستّر كأنهم ذمّة، تجري عليهم في كثرة الأيام محن شديدة، و لمـّا أظهر بنو عبيد أمرهم، و نصّبوا حسينا الأعمى السّاب – لعنه الله تعالى – في الأسواق للسبّ بأسجاع لقّنها يوصل منها إلى سبّ النبي r في ألفاظ حُفّظها، كقوله – لعنه الله تعالى – "العنوا الغار و ما وعى و الكساء و ما حوى" و غير ذلك، و علّقت رؤوس الأكباش و الحمر على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلّقة، مكتوب فيها أسماء الصحابة، اشتدّ الأمر على أهل السنة، فمن تكلّم أو تحرّك قتل و مثّل به، و ذلك في أيام الثاني من بني عبيد و هو "إسماعيل" الملقّب بـ " المنصور " – لعنه الله تعالى – سنة إحدى و ثلاثين و ثلاث مائة .اهـ[6]
قال الشيرازي أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشافعي ( ت : 476 ) : و إليه انتهت الرياسة في الفقه، و كان يسمى "مالك الصغير" .اهـ[7] وقال القاضي عياض : و كان "أبو محمد" إمام المالكية في وقته، و قدوتهم، و جامع مذهب مالك، و شارح أقوالهم، و كان واسع الاطلاع، كثير الحفظ و الرواية، و كتبه تشهد له بذلك، فصيح القلم، ذا بيان و معرفة بما يقول، ذابا عن مذهب مالك، قائما بالحجّة، بصيرا بالرد على أهل الأهواء، يقول الشعر و يجيده، و يجمع إلى ذلك صلاحا و ورعا وعفّة، و حاز رئاسة الدين و الدنيا، و إليه كانت الرحلة من الأقطار، و نجب أصحابه، و كثر الآخذون عنه، هو الذي لخصّ المذهب و ضمّ كسره و ذبّ عنه، و ملأت البلاد تواليفه، عارض الناس أكثرها فلم يبلغوا مداه مع فضل السبق و صعوبة المبتدأ، و عرف قدره الأكابر .اهـ[8]